الراصد 2009

العدد الثالث

أثناء العدوان الأخير على غزّة- والّذي قُتل فيه نحو 1500 فلسطينيّ، قام معظم رؤساء الجامعات الإسرائيليّة بتأييد الجيش بشكل كاسح.

رئيسة جامعة بن غوريون بروفسور ريفكا كارمي، قالت أثناء الحرب العدوانيّة على غزّة إن الحديث يدور هنا عن حملة عادلة وأخلاقيّة، تهدف إلى إزالة تهديد صواريخ القسّام.

دافعت كارمي عن الجيش أمام الانتقادات التي وُجّهت إليه، وأضافت قائلةً إن الجامعة ستمنح التسهيلات للطلبة الذين خدموا في الاحتياط أثناء الحرب على غزة.

كما وأعرب رئيس الجامعة العبريّة، بروفسور مناحم ماغيدورعن تأييده للحرب على غزة، وكذلك كلّ من رؤساء جامعة تل أبيب، وجامعة حيفا، وجامعة بار إيلان.

في الواقع، لم يصرّح أيّ من رؤساء هذه الجامعات تصريحًا معاديًا للحرب على غزّة، حتّى بعد أن اتضّحت أبعاد الكارثة والقتل الجماعيّ. وبهذا يواصل رؤساء الجامعات في إسرائيل عادة السّكوت الطويلة، واللامبالاة والتجاهل: في الواقع، وبسبب العلاقة الوطيدة والخاصّة بين الأكاديميا الإسرائيليّة والدّولة، وبسبب الطّابع العسكريّ الذي يمتاز به المجتمع الإسرائيليّ، نادرًا ما وجّه رؤساء الجامعات نقدًا للجيش ولمؤسسات الدّولة، وبهذا فقد تعاونوا معهم. ردّ فعلهم على العدوان الأخير الذي شنّته إسرائيل على غزّة لم يكن شاذًا.

حتى رابطة طلاب الجامعات الكبرى عبرت عن تأييد كاسح للعدوان الذي شنه جيش الدفاع الإسرائيلي على غزة: نشر رؤساء الرابطات في جامعة القدس، وجامعة تل أبيب وجامعة حيفا، أثناء الحملة الهجوميّة تصريحات تؤيّد الجيش، وقد شجبوا الطلبة الذين اعترضوا عليها. حتّى أنّه في جامعتَي تل أبيب وحيفا نظموا أيام مساهمة خاصّة من أجل جنود الجيش. طُلب من جمهور الطّلبة إحضار البطانيات، موادّ التنظيف الصّحيّة وملابس للجنود.

تم تنظيم محاولات مساهمة مشابهة من أجل الفلسطينيين، وقد جوبهت برد فعل عدائي، وأحيانا بالعنف، من جانب الطلبة، ورجال الأمن وقوات الشرطة. مرة أخرى اتّضح أن الجامعات الإسرائيليّة، التي تتغنّى بقيم المساواة وحريّة التعبير والحريّة، تميل إلى حدّ لجم النشاط السياسي والإنساني، ومنع القيام بتنظيمات مشتركة لليهود والعرب، وكذلك نشاطات هدفها التخفيف من معاناة الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي.

أثناء العدوان على غزّة، نظم الطلاب العرب مظاهرات في الجامعات في جميع أنحاء البلاد، وعلى الأخصّ في كلّ من تل أبيب وحيفا. وفق أقوال الطّلبة، وبالأخصّ الطلبة العرب في إسرائيل، قام رجال الأمن التابعون للجامعة، وقوات الشرطة التي استدعيت إلى المكان، باستخدام العنف معهم.

كما وأبلغ بعض الطلبة من جامعة بن غوريون عن محاولة إذلالهم أثناء التفتيش الذي مروا به هم ومعداتهم في مدخل الجامعة. كما وقام رجال الأمن بإيقافهم بهدف التفتيش داخل الحرم الجامعي، دونما سبب.

وفق أقوالهم، ساد جو عدائي في الحرم الجامعي طيلة الأيام المعدودة التي انتظم فيها التعليم.

ويحكي طالب من جامعة حيفا أنه في فترة العدوان على غزة طلب اتحاد الطلاب العرب تنظيم مظاهرة هادئة في الحرم، إلاّ أن عميد الطلبة رفض طلبهم.

يقول الطالب، غداة اليوم التالي، تجمّع ما يقارب 100-150 طالبًا عربيًا ورفعوا لافتات احتجاجيّة ضدّ الأحداث في غزّة. في الطّرف الآخر، تجمّع طلاّب يهود أطلقوا نداءات مؤيدة ومعادية للعرب. وخلال فترة زمنيّة وجيزة كان قد وصل إلى المكان رجال الأمن التابعون للجامعة، وكذلك قوات الدوريّة الخاصّة وقوّات الشرطة تمّ استدعاؤها من قبلهم، وقاموا بدفع الطلاب العرب، وضرب العديد منهم، وأوقفوا اثني عشر طالبا. بعضهم قضى في السجن ليلتين، ومن ثم تم إخلاء سبيلهم دون تقديم لائحة اتهام ضدّهم.

من الجدير ذكره أنه لم يتم توقيف طالب واحد من الطلاب اليهود أو احتجازه للتحقيق معه، وأن العنف الجسدي كان موجهًا فقط ضد الطلاب العرب.

وفق أقوال الطالب، تلقّى المحتَجَزون استدعاء من لجنة التأديب الجامعية. ويندرج هذا الوصف أيضًا ضمن شهادات قدمها العديد من الطلاب.

وأثناء عملية الهجوم على غزة قام الشاباك باستدعاء عشرات الشباب العرب للتحقيق من بينهم العديد من الطلبة. وفق أقوال الأشخاص الذين تمّ التحقيقُ معهم، فإنّه تمّ تحذيرُهم أثناء اللقاء من الانخراط السياسيّ ومن استمراريّة احتجاجِهم العلنيّ على ما يقوم به الجيش في غزة. تمّ حجز العديد ممن تمّ استدعاؤهم، طيلة ليلة كاملة، وبعضهم مكث في السجن حتى أسبوعين، دون أن تُقدّم لوائح اتهام ضدّهم. في حالات أخرى قُدّمت لوائح اتّهام للمحكمة، وبالأساس على خلفيّة “إزعاج النّظام العامّ” وإهانة الموظّفين العموميين (رجال الشرطة والجنود)!.

مناقشة

لا توجد تعليقات حتى الآن.

أضف تعليق